الثلاثاء، 2 فبراير 2010

الثقافة التنظيمية وعلاقتها بالسلوك المنظمي


الثقافة التنظيمية وعلاقتها بالسلوك المنظمي

المقدمة :
من خلال الكتابات والأبحاث في مجال المنظمات نجد أن المنظمات تواجه كثير من المتغيرات المؤثرة منها تحديات سياسية واقتصادية وثقافية وتقنية ... وغيرها ، وقد قادت هذه المتغيرات بمختلف مكوناتها وأبعادها إلى تأثيرات كثيرة كانت محصلتها أن التغيير المستمر والمتسارع أصبح سمه يتعين على المنظمات التعايش معها ومواجهتها ، لا الإنعزال عنها في بيئة تتسم بالأنفتاح العالمي ، ولكن تتواءم المنظمات وتستمر فينبغي لها بناء قدراتها الذاتية وتدعمها من أجل أن تتمكن من التطوير المستمر والتغيير والمبادرة ليمكن الاستمرار والبقاء في بيئة الأعمال التي تتسم بالتنافسية الحادة .

ولا شك أن هذا المسعى لن يتأتى للمنظمات الإ من خلال توفر موارد بشرية لديها المعارف والمهارات والقدرات الإبداعية والإبتكارية للتفاعل والتعامل الفعال مع مختلف متغيرات بيئة الأعمال من أجل تكوين وإضافة قيم تدعم المنظمات في هذا الإطار .

إن الموارد البشرية هي أهم الموارد بالمنظمة وتمثل مورد استراتيجي ريئسياً. وتشير راوية حسن إى أنه من المتطلبات الهامة لتطبيق المهفوم الاستراتيجي لإدارة الموارد البشرية بما يحقق زيادة قدرة المنظمة يتطلب القيام بتغيير قيم واتجاهات الافراد المتعلقة بالعمل ، بحيث يزيد ولاؤهم وانتماءهم للمنظمة وتزيد دا فعيتهم للعمل ، ويمكن أن يتم هذا من خلال تنمية اسس لمعاملة الافراد ، وتحسين أخلاقيات وسلوكيات وأتجاهات العمل لديهم ، ومحاولة مقابلة توقعاتهم المختلفة ، وتحسين الطاقات والأمكانيات الخاصة بتنمية وتدريب الأفرد لزيادة شعورهم بالأمان الوظيفي ، وتنمية روح الإلتزام الابتكار في الأفراد من خلال أستهداف أساليب ووسائل لتحفيزهم تتمشى مع التغير في قيمهم وحاجاتهم وتنمية معايير للأداء والأستحقاق تمنح على أساسها الأجور والمزايا ( حسن 2005 م ص 98 – 99 )
وذكر السلمي أن الموارد أن الموارد البشرية تعتبر ممثلة في العاملين بالمنظمة من مختلف الفيئات والمستويات والتخصصات هي الدعامة الحقيقية التي تستند إليها المنظمة الحديثة .

وأن العاملين هم الأداة الحيقية لتحقيق أهداف الإدارة ، فهم مصدر الفكر والتطوير ، وهم القادرين على تشغيل وتوظيف باقي الموارد المادية المتاحة للمنظمة . كما تساهم الموارد البشرية مساهمة فعالة في تحقيق أهداف المنظمة إذا توفرت الظروف الإيجابية التي تدفع الإنسان إلى العمل والعطاء (السلمي 2001م ص37 )

ويعزى نجاح أو فشل المنظمات عادة إلى الثقافة التنظيمية ، وقد أظهرت دراسة قامت بها مجلة فورتشن الأمريكية عن أكثر الشركات موضع التقدير لتميزها أن أفضل مؤشر بالتنبؤ للتميز الإجمالي للمنشألة هو مدى القدرة على الجذب والتحفيز والأحتفاظ بالأفراد الموهوبين ، ويشير المديرون التنفيذيون لتلك الشركات أن الثقافة التنظيمية هي أهم الأليات أو الأدوات التي تساعد على زيادة تلك القدرة ( 2001م ص 313 ) .

فالثقافة التنظيمية تعتبر من أهم العوامل الأساسية والحرجة بالنسبة لنجاح المنظمات ، فالمنظمات الناجحة لديها الطاقة للنجاح في إستيعاب الإبداع والأفكار الجديدة في الثقافة التنظيمية والعملية الإدارية فالثقافة التنظيمية تمكن في قلب عمليات الإبداع والأبتكار وتؤثر الثاقفة التنظيمية في المدى الذي يتم للتشجييع على الحلول المنظمة مع دعمها وتطبيقها ( 67 – 68 عام 2003 مارتنس و تريبلنش )

كما نجد أن الثقافة التنظيمية تتكون من القيم والمعتقدات السائدة ، إن الثقافة السائدة في المنظمة تؤثر على أداء المنظمة وأداء الجماعة وأداء الفرد وينبع الإرتباط مع الأداء في أن القيم والمعايير النابعة من الثقافة تؤثر على كيفية أتخاذ القرارات اليومية المتعلقة بأنجاز الأعمال الخاصة بالمنظمة ، فالثقافة لها تأثير شامل يمس سلوك كل فرد يومياً وفي كافة مجالات العمل ، كما أن الثقافة تؤثر على السلوك التنظيمي أو الإداري للمديرين والأفراد فتوجه سلوكهم التنظيمي وتؤثر على قراراتهم التي توجه المنظمة بأسرها إلى أداء العمل وتحقيق الأهداف بأسلوب معين يختلف بأختلاف الثقافة .

مشكلة البحث :
على ضوء ما سبق من تناوله من خلفية مختصره عن المفهومين الأساسيين اللذان تم التركيز عليهما بهذه الدراسة وهما الثقافة التنظيمية والسلوك المنظمي وينطبق ذلك على كل مجالات التنظيم فأياً كانت طبيعة المنظمة أو مجال عملها فإنه يجب أهتمام الإدارة ببناء ثقافة تنظيمية قوية وإيجابية وأن تهتم بسلوك الافراد و تشجع وتحفّز الأفراد على أداء أدوارهم ومهامهم بكفاءه عالية ، فنجد أن أكثر المنظمات المجتمع في حاجة ماسة بأن تسود بها ثقافة تنظيمية إيجابية وقوية وأن يتوافر بها كافة العوامل والمتغير المشجعة في كافة أنواعه ومستوياته

أهمية البحث :
ترجع أهمية البحث إلى أن هذه الدراسة تربط بين موضوعين أساسيين يتزايد الإهتمام بها بشكل كبير حالياً وهما الثقافة التنظيمية والسلوك المنظمي ، فبصورة خاصة يقوم هذا العصر الذي يتميز بأنه عصر المعرفة والمعلومات على التركيز على أهمية تنمية الموارد البشرية الفعالة أو ما يطلق عليه حالياً رأس المال المعرفي نظراً لإعتبارها أهم الأصول في ذلك ، ويتطلب تحقيق تحقيق ذلك توافر ثقافة إدارية قوية وإيجابية وبصورة خاصة تكون داعمة لرأس المال المعرفي .

وكذلك من أهمية الدراسة المنظمات التربوية تسعى إلى الكفاءة والجودة ومواكبة العصر والتطور وتحتاج إلى عناصر بشرية لها سلوكيات متلائمة مع طموحها وتطلعاتها .

فالسلوك المنظمي الإيجابي دور بارز في السعي نحو تحقيق أهداف المنظمات بمختلف أنواعها لأن الرابط بين سلوك الأفراد المنظمي وبين المنظمات رابط وثيق فكلما كان السلوك إيجابي نحو المنظمات إستطاعت المنظمات السير الصحيح نحو أهدافها المنشودة والعكس بالعكس .. فكلما كان السلوك المنظمي لأفراد المنظمة سلبي تجاه المنظمة تسبب في إلحاق الظرر بتلك المنظمة وحال دون تحقيق طموحها وأهدافها .
أهداف البحث :

1- التعرف على مفهوم الثقافة التنظيمية .

2- التعرف على مفهوم السلوك المنظمي .

3- التعرف على العلاقة بين الثقافة التنظيمية والسلوك المنظمي وأثرها على العمل الإداري .

تساؤلات البحث :

السؤال الأول :
ما مفهوم الثقافة التنظيمية ؟
السؤال الثاني :
ما مفهوم السلوك المنظمي ؟
السؤال الثالث :
ما العلاقة بينهما وما أثر ذلك على فاعلية الإدارة ؟

المصطلحات الإجرائية للبحث :

الثقافة التنظيمية :
يقصد بالثقافة التنظيمية المحصلة التراكمية للعلاقات الإجتماعية المتكررة بين العاملين والتي تشكل بالتالي أنماط سلوكية للنظام الإجتماعي التنظيمي والتي تساعد في وحدة التنظيم وتكاملة من خلال التقاء العاملين حول عناصرها المتمثلة في القيم والمعتقدات والأعراف والمعايير والتوقعات .
( المدهون ، والجزراوي 1420 هـ 1999 م ص339 / 401 )

السلوك المنظمي :
السلوك المتعلق بالجال الدراسي الذي يهتم بتحري الأفراد ، والجماعات ، والبنية على السلوك داخل المنظمة بغية تطبيق ما يتم التوصل اليه من معرفة باتجاه تحسين فعالية المنظمة .
( تعريف هاني الطويل).


الثقافة التنظيمية

مقدمة :
في هذا الفصل سأتطرق إلى أحد جوانب البحث وهو الثقافة التنظيمية مفهومها وتعريفها وسأحاول جمع بعض التعاريف السابقة التي عرفها الكتاب والباحثين ، وسأحول إيجاد تعريف لهذا المصطلح إسناداً على ما ذكره الكتاب والباحثين ، وكذلك سنعرج في هذا القصم على أهمية ووظائف الثقافة التنظيمية ، وسنحاول معرفة بعض خصائص الثقافة التنظيمية .

مفاهيم الثقافة التظيمية :
وللإجابة على تساؤلات البحث (السؤال الأول) ... ما مفهوم الثقافة التنظيمية ؟

يعد تحديد مفهوم وإطار واضح لما يقصد بالثقافة التنظيمية ويتمتع بالقبول لدى الباحثين والكتاب هو من المتطلبات الهامة للتمعامل الفعال مع مختلف أبعاد وجوانب موضوع الثقافة التنظيمية ، فالثقافة التنظيمية القوية والإيجابية تمثل الأساس السليم الذي يقوم عليه بناء التنظيمات القوية الراسخة والتي يمكن أن تبقى وتستقر بنجاح في إطار مجالات عملها وعلى النقيض من ذلك تواجه التنظيمات التي تتمتع بثقافة تنضيمية ضعيقة كثير من المشكلات والجوانب التي يمكن أن تؤدي إلى ضعف الكفاءة الداخلية والخارجية لتلك التنظيمات ، فأفضل الخطط ومسارات التطوير لا يمكن تطبيقها بنجاح في إطار ثقافة تنظيمية سلبية وضعيفة حيث يتحول الأمر إلى إهدار وضياع للموارد المتاحة وفي النهاية إلى عدم تحقيق الأهداف التنظيمية بالكفاءة والفاعلية المستهدفة .

ونقلاً عن ممدوح الرخيمي ( 1421 هـ ، 2000 م ص 76 ) فإن مفهوم الثقافة قد بدأ في علم الأنثروبلوجيا كما أن مجال الثقافة التنظيمية تكمن جذوره بعمق في مجال علم الإجتماع ، وقد أدى الغموض الكامل في كل من المجالين ليس فقط إلى عدم وجود أساس نظري محدد وواضح يقوم عليه ولكن أيضاً إلى عدم وجود تعريف يحوز على الرضى التام لمفهوم الثقافة التنظيمية ( ص25 ، 1996 م ، شانج ) .

وبالرغم من وجود فروقات في التعاريف كما يلاحظ إلا أن أتفاقاً يذهب إلى أن الثقافة التنظيمية كأحد عناصر البيئة الداخلية للتنظيم هي محصلة العلاقات الإجتماعية المتكررة بين العاملين والتي تشكل بالتالي أنماط سلوكية للنظام الإجتماعي التنظيمي ، وبذلك تساهم في وحدة التنظيم وتكاملة من خلال إلتقاء العاملين حول عناصرها المتمثلة في القيم والمعتقدات والأعراف والمعايير والتوقعات . ( المدهون والجزراوي ، 1420 هـ ص399 - 401 ).

ومن جهة أخرى يذكر ماركوليدس ، وهيك ، أن مصطلح الثقافة التنظيمية قد ظهر في إطار دراسات عديدة تبحث في كيفية تحقيق الفاعلية التنظيمية وكذلك في إطار من دراسات السلوك التنظيمي وعلى ذلك فقد حاز هذا المفهوم على أهتمام كبير من الباحثين والكتاب ، ويرجع هذا الإهتمام أساساً إلى توصل الباحثين إلى أنه يوجد تأثير كبير لمختلف العاوامل الثقافية على تحديد مستويات نواتج ومخرجات التنظيمات ويقوم ذلك أساساً على أفتراض أنه في حالة وجود ثقافة تنظيمية قوية وذلك من خلال وجود مجموعة فعالة من القيم التي تتكامل مع بعضها البعض إلى جانب المعتقدات وأنماط السلوك فإن ذلك سوف يؤدي إلى مستوى عالي من الإنتاجية ولا شك أن صياغة أدبيات تظم إعداد وتطوير نظرية ترشد عملية وضع مفهوم الثقافة التنظيمية سوف يساعد على تحسين الأداء التنظيمي ( ص 209 ، 1993 م ماركوليدس ، وهيك ) .

ونجد أنه قد نعددت محاولات الكتاب والباحثين لصياغة مفاهيم لمدخلات الثقافة التنظيمية ، ولتحقيق ذلك بحث البعض أولاً عن مصادر الثقافة التنظيمية حتى يمكنهم وضع تعريفات واضحة لها ، ومن بين أهم الكتاب في ذلك الأتجاه ما قدمه - جون بانك – حيث يذكر أن الثقافة تكون لها جذور عميقة بالمنظمات ، وتُظهر الثقافة نفسها من خلال عدد من الجوانب التي تكون عادة واضحة ومنها مايلي :
1- الطرق المعتادة لإنجاز الأعمال .
2- المعايير الخاصة بجماعات العمل .
3- القيم التي تتبانها الشركة.
4- فلسفة الشركة.
5- القواعد والقوانين داخل الشركة.
6- المناخ التصميمي داخل وخارج الشركة.
من نقل محمد يوسف ( 1424 هـ 2003 م / ص47 ).
وبالجملة نجد أن هناك عوامل كثير تؤثر وتقوم بتشكيل الثقافة التنظيمية للشركات ولعل من أهمها كما يذكر – دافيد درينال – عدد من العوامل والمتغيرات منها :
1- مدى تأثير القائد الفعال ورؤيته .
2- تاريخ الشركة وتقاليدها .
3- التقنيات والمنتجات الخاصة بالشركة .
4- العملاء.
5- توقعات الشركة بالنسبة للمستقبل.
6- نظم المعلومات والرقابة .
7- المساءلة ووبيئة الشركة .
8- السياسات والإجراءات .
9- نظم المكافأة والتقدير والقياس والتقويم .
10- التنظيم والموارد المتاحة .
11- الأهداف والقيم والمعتقدات .

ويذكر تونسال أن الثقافة التنظيمية منظومة من المعاني والرموز والمعتقدات والقيم والممارسات التي تطورت واستقرت مع مرور الزمن وأصبحت سمة خاصة للتنظيم بحيث تخلق فهماً عاماً بين أعضاء التنظيم حول ماهية التنظيم والسلوك المتوقع من الأعضاء فيه ، فهي نمط من المعتقدات والتوقعات يعد بمثابة المعايير التي تشكل وتوجه سلوك الأفراد والجماعات داخل التنظيم ، ويذكر - جريج بوندز وآخرين – أن الثقافة التنظيمية على أساس أنها نمط من نتاج صنع الإنسان ، سلوكيات ، قيم ومعتقدات ومسلمات التي تطورها مجموعة من العاملين في إطار منظمة معينة أثناء قيامها بالتعامل مع المشكلات الداخلية والخارجية من أجل النمو والنجاح والبقاء ( ص101 / 1994 م بوندز ايت )

وفي إطار ماسبق تناوهلة من تعريفات ومفاهيم عن الثقافة التنظيمية يحدد الباحث تعريفه للثقافة التنظيمية على أنها [ هي القيم والمعتقدات والعادات والتقاليد والأعراف التي تكونت في المنظمة وعرف بها أفرادها ، وأنتقلت إلى جميع الأفراد المنظمين حديثاً للمنظمة وظهرت في سلوكياتهم ، ونجد أن هذه الثقافة التنظيمية تتجدد وتتطور من خلال عوامل كثيرة داخلية وخارجية ، وكل منظمة تختلف ثقافتها عن الأخرى بسبب العوامل المؤثرة عليه وطبيعة عملها ] .

أهمية ووظائف الثقافة التنظيمية :
من خلال تتبع الكتاب والباحثين وأصحاب الدراسات السابقة نجد أن منذ ثمانينات القرن الماضي أصبح يُنظر إلى المفهوم الخاص بالثقافة التنظيمية على أنه يمثل دور كبير في عملية التحليل التنظيمي ودراسة السلوك التنظيمي للتنظيمات ، ويعتقد

مسؤولي وقادة المنظمات الكبيرة أن ههذه المفاهيم ذات قيمة ودلالة قوية وهامة في تحليل وإدارة المنظمات ، ونجد أن قد تزايدت الكتابات في هذا الجانب وبدأ الأهتمام بالتأليف في هذا الصدد لأنه تولدت قناعة لدى الكتاب والباحثين بأن الثقافة التنظيمية تلعب دور بارز في نجاح وفشل المظمات والمؤسسات المختلفة .

فبوجود مثل تلك الثقافات الإيجابية والقوية ينعكس إيجاباً ويدعم السلوك الفردي والجماعي حول الإتجاهات السليمة للأداء الفعال والقضاء على نقاط الضعف من خلال بناء رؤية إيجابية مشتركة ، وبالتالي سلوك إيجابي مشترك ، فينهكس على أداء الأفراد والمجوموعات وبالتالي على أداء المنظمة بأكملها .

وفي هذا الإطار تذكر – سحر بدوي – خمس نقاط أساسية للأدوار التي تلعبها الثقافة التنظيمية وتعكس أهميتها وهي :
- تدعم رضا العاملين وتمسكهم بالمنظمة.
- خلق سمات تنافسية للمنظمة .
- فهم السلوك التنظيمي والتنبؤ به .
- دعم استمرارية المنظمات وتكيفها مع المتغيرات البيئية.
- تحقيق التنمية الإدارية .
( بدوي ، 1420 هـ ،1999م ص32 )

ويشير البعض إلى أن الثقافة التنظيمية هي ظاهرة معقدة إلا أن لها تأثيراً كبيراً على أداء المنظمات ، ويوافق الكثير من الكتاب على أن الثقافة التنظيمية تؤثر بشكل كبير في عمليات المنظمات وفاعليتها ، كما أنها تمثل عامل محدد يؤثر في وجود الحياة لأعضاء المنظمات ( ص349 / 2006 - لوكاسوف - وآخرون )

وكذلك نجد أن الثقافة التنظيمية تحدد السلوك الملائم وتساعد على خلق جو الترابط بين الأفراد بعضههم ببعض وخلق جو التناسف و تحفيزهم للعمل ، كما تؤكد على الحلول الملائمة عندما تواجه المنظمات مواقف تتسم بالغموض ، وتحكم الثقافة التنظيمية الطريقة التي تتبعها في تشغيل وتوزيع وتدفق المعلومات ، كما تحكم العلاقات الداخلية والقيم ، وبكلمات أكثر تحدداً فإنه يمكن الإشارة إلى الوظائف الأكثر أهمية للثقافة التنظيمية هي الحد من الصراعات داخل المنظمة ، وتحقيق التنسيق والرقابة ، والحد من عدم التأكدوالتحفيز وتحقيق المزايا التنافسية ( بروون – 1998 / ص 91-98 ) .

ونجد أن الثقافة التنظيمية لها تأثيرات غير مباشرة على السلوك حيث تلخص أو تمثل بصورة مصغرة الشخصية المعبرة عن النظام ، فيتم توصيلها من خلال نظام أو مجموعة من الرموز ، والمشاعر والمعنى الكامن وراء اللغة وأوحه السلوك ، والمواقع أو الأماكن الطبيعية أو المادية والأشياء التي من صنع الإنسان ، فالأدوات العقلانية و العمليات كالتوجيه الإستراتيجي والأهداف والمهام والتقنية ، والتركيبات والأتصالات واتخاذ القرار والتعاون والعلاقات بين الأشخاص ، كل ذلك يتم تصحيحه ومواءمته في إطار من الثقافة التنظيمية من أجل إنجاز الأعمال والمهام ( مارتنز و تريبلش 2003 / ص65 )

ونجد كذلك أنه يقول حسن حريم ( 2003 م / ص 265 ) أنه تتلخص وظائف ثقافة المنظمة في أربع وظائف رئيسية هي :
1- تعطي أفراد المنظمة هوية تنظيمية :
إم مشاركة العاملين نفس المعيير والقيم والدركات يمنحهم الشعور بالتوحد ، مما يساعد على تطوير الإحساس بغرض مشترك .
2- تسهل الالتزام الجماعي : إن الشعور بالهدف المشترك يشجع الإلتزام القوي من جانب من يقبلون بهذه الثقافة .
3- تعزز إستقرار النظام :
تشجع المنظمة على التعاون والتنسيق المنظم والدائم بين أعضاء المنظمة وذلك من خلال تشجيع الشعور بالهوية المشتركة والإلتزام.
4- تشكل السلوك من خلال مساعدة الأفراد على فهم ما يدور حولهم :
فثقافة المنظمة توفر مصدراً للمعاني المشتركة التي تفسر لماذا تحدث الأشياء على نحو ماء .
وبتحقيق الوظائف السابقة تؤدي ثقافة المنظمة دور قوي في الربط بين أفراد المنظمة بعضهم ببعض ، ويساعد على تعزيز السلوك المنسق الثابت في العمل .

وخلاصة ماسبق هو وجود أهمية كبرى للثقافة التنظيمية الإجابية من أجل توفير أساس سليم للأداء المتميز والعطاء القوي والمتواصل من قبل أفراد تلك المنظمة للوصول إلى الأهداف المنشودة بكفاءة وجودة عالية

خصائص الثقافة التنظيمية :
من خلال التتبع لما كتبه الباحثون نجد أن هناك أختلاف في وجهات النظر من تحديد خصائص الثقافة النظيمية فهناك قواسم مشتركه بينهم وهناك أختلاف في بعض الخصائص ولعل سبب ذلك هو نظرة كل باحث للموضوع من زاوية بحثة وتلمس ماهو موافق لما يتطرق إليه وبصدد التعامل به والبحث عنه .
وقد ذكر الباحث الحريم ( حريم ، 2003م / ص263 ) أن خصائص الثقافة التنظيمية هي :
1- المبادرة الفردية .
2- التسامح .
3- التوجيه .
4- التكامل .
5- دعم الإدارة .
6- الرقابة .
7- الهوية .
8- نظم العوائد .
9- التعامل مع النزاع.
10 - أنماط الإتصال.

كما يذكر مصطفى أبو بكر ( 2002 / ص402 ) لخمس سمات أساسية للثقافة التنظيمية وهي كما يلي :
1- الثقافة نظام مركب :
- حيث أنها تتكون من عناصر فرعية تترابط فيما بينها وتشمل الثقافة كنظام مركب من ثلاث / الجانب الاجتماعي ، والجانب المعنوي ، والجانب المادي
2- الثقافة نظام متكامل:
- تتجه باستمرار الى خلق الأنسجام بين عناصرها المختلفة ، وبالتالي فإن أي تغير يطرأ على أحد المكونات يؤثر في باقي المكونات المختلفة لأنها تعمل بشكل تكاملي .
3- الثقافة نظام تراكمي متصل ومستمر :
- يعمل كل جيل من أجيال المنظمة على تسليم ثقافة النظام للأجيال اللاحقة ويتم توريثها عبر الأجيال عن طريق التعلم والمحاكاه .
4- الثقافة نظام يكتسب ومتغير ومتطور :
- استمرار الثقافة لايعني انتقالها عبر الأجيال كماهي دون تغير ولا تنتقل بطريقة غريزية ، بل إنها في تغيير مستمر ، حيث تدخل عليها ملامح جديدة وتفقد ملامح قديمة .
5- الثقافة لها خاصية التكيف :
- تتصف الثقافة التنظيمية بالمرونة والقدرة على التكيف ، استجابة لمطالب الإنسانالبيلوجية والنفسية ، التلاؤم مع البيئة الجغرافية والثقافية المحيطة .

السلوك المنظمي :

وللإجابة على تساؤلات البحث (السؤال الثاني) ... ما مفهوم السلوك المنظمي ؟
[ ... الثقافة هي سلوك متعلم تم نقله من جيل إلى جيل عبر سبل غير وراثية ( هافيلاند 1978 ص 12 ) . فالثقلفة هي كل ما حصلته الإنسانية ونقلته كطريقة حياة ، وتشمل الثقافة على عرف وعادات ومعايير ومعتقدات وسلوك وايدلوجيات ، فالثقافة تتصل بإنسانية المخلوق البشري متجاوزة بذلك مجرد وجوده الحيواني ، وكما أن للإنسان ثقافة فكذلك بالنسبة للنظم الإجتماعية التي أوجدها هذا الإنسان ، فلكل نظام ثقافة ( ديل – كندي / 1982 ) المتميزة بمحتوى ثقافي معين من المعتقدات والقيم والأتجاهات والمصطلحات اللغوية والسلوك ... ] هاني الطويل ص 333 .
وقد يعرف السلوك على أنه / هو السلوك المتعلق بالمجال الدراسي الذي يهتم بتحري الأفراد ، والجماعات ، والبنية على السلوك داخل المنظمة بغية تطبيق ما يتم التوصل اليه من معرفة باتجاه تحسين فعالية المنظمة ( تعريف هاني الطويل).
ويعرف السلوك المنظمي على أساس أنه / الأنشطة الداخلية والخارجية للكائن الحي ، ويصنف السلوك إلى نوعين سلوك فطري وسلوك مكتسب ، وتتركز أغلب الدراسات على السلوك المكتسب لأننا نكون قادرين على فهمه والتحكم به وضبطه وتعديله من خلال فهم عمليات الدوافع والحوافز ، وفهم النمط الشخصي للفرد والأتجاهات والميول والإدراك والتفاعل مع جماعة العمل وبيئة العمل ومن ثم العمل على تعديله وتطويره ( اللوزي 54-55 ).
ولكي نفهم السلوك المنظمي لابد علينا من فهم عدة أمور لكي نتوصل من خلالها لفهم السلوك بطريقة صحيحة ولعل من أهم هذه الأمور : الإنسان والجماعة والنظام ، ولعل فهم ومعرفة هذه الأمور الثلاثة التي تلعب دور كبير وبارز في فهم السلوك المنظمي للأفراد لأن سلوك هو نتاج عدد من التفاعلات التي تؤثر على أتجاه ذلك السلوك ولو إستطعنا فهم هذه التفاعلات لأستطعنا تغيير أو تعديل السلوك نحو الأفضل ونحو سلوك إيجابي يفيد المنظمة

إن السلوك المنظمي يهتم بدراسة عمل الأفراد في المنظمة والطريقة التي يؤثر فيها طريقة تعاملهم وسلوكياتهم في طريقة عمل تلك المنظمة ، وفهم السلوك المنظمي يستدعي فهم الإنسان العامل في المنظمة مما يؤدي الى فهم جماعة النظام الذي يسهل علينا فهم النظام بأكمله .
ولا شك في أن الأهتمام بالسلوك يلعب دوراً مهماً ولذلك قامت المنظمات بالأهتمام بسلوكيات الأفراد ومحولة فهمها والنعرف عليها ومعرفة خصائصها وحاجاتها ثم القيام بالعمل على تطوير السلوك نحو أمور إيجاجبية تتوافق مع سياسات المنظمات لأنه بالتتبع وجود أن هناك أرتباط مباشر وقوي بين تطور المنظمات وقوتها وبين سلوك الأفراد داخل تلك المنظمة فكلما كانت السلوك تعمل في المجال الإيجابي والفعال لصالح المنظمات استطاعت المنظمات السير نحو تحقيق الأهداف المنشودة وكانت الأفراد تعمل بكفاءة عالية وأنتاجية جيدة ، وبالعكس فحين أغفال السلوك المنظمي وعدم التعرف عليه والأهتمام به وبحاجياته وعدم النظر إليه ولتأثيره نجد أن السلوكيات غالباً ما تسير سلباً مع الأنظمة مما قد يتسبب في ضعف المنظمات بقلة الكفاءات وقلة الأنتاجية ويعمل على هدم تلك المنظمات بصورة غير مباشرة ، فأغفال جانب الأهتمام بالسلوك المنظمي قد نعتبره مجازاً معول هدم لتلك الأنظمة والمؤسسات ، وهذا ما تنبهت له المنظمات والشركات الكبيرة في الأزمنه المتأخرة وقامت على التعرف والتطوير لهذه السلوكيات ومانشهده اليوم من أهتمام بهذه الجوانب إلا من خلال السعي الحثيث نحو إيجاد سلوك منظمي يقوي من الأداء ويرفع مستوى الكفاءة و يزيد من الإنتاجية .

العوامل المؤثرة على السلوك المنظمي :
من خلال تتبع العوامل المؤثرة على السلوك المنظمي نجد أنها بالجملة تنقسم إلى عاملين عوامل مؤثره على السلوك نشأت من خارج المنظمة وهي التي تأثرها بها السلوك منذ نشأته وعوامل تأثر بها السلوك داخل المنظمة ولعلنا نوجز أنواع كل قسم في سرد سريع لهذه العوامل :

عوامل من خارج المنظمة :
1- الشخصية :
نجد أن الشخصية أميل إلى الثبات من التغيير وهي طريقة تعامله مع نفسه ومع الآخرين .

2- الإدراك :
ن رؤيتنا للأمور لا تعتبر بالضرورة هي الواقع ولكن هي طريقة أدراكنا لما نراه فالأدراك هي الطريقة التي يستطيع الفرد من خلالها فهم الأشياء من حوله وتحسسها وتفسيرها كي يعطي معنا لبيئته ؟

3- القيم والعادات :
هي عوامل تراكمت داخل نفس الفرد من حيث تحديد ما هو خطأ وماهو صحيح وماله قيمه وماليس له قيمة .

4- الدافعية :
هي العوامل التي تجعل الفرد يقدم المزيد من العطاء بإرادات داخلية تدفعه لها عوامل محفزة للسلوك.

5- المعرفة :
الثقافة المعرفيى والعلمية تلعب دور بارز في فهم المحيط والتفسير الجيد للأمور وإعطاء خلفية جيدة عن طبيعة الأعمال .

عوامل من داخل المنظمة :

1- مجتمع المنظمة :
إن سلوك الفرد داخل جماعة يختلف عن سلوكة عندما يكون بمفرده ، لذا فإن تفهم سلوك جماعة نظام معين يتطلب دراسة فهم المتغيرات التي تؤثر على السلوك داخل الجماعة نفسها ، فإن على الإداري ان يبذل الجهد لتفهم خواص جماعات منظمته حتى يستطيع النبؤ بأنماط سلوكها .
2- اتصالات المنظمة :
هي طريقة التعامل افراد المنظمة مع بعضهم البعض ومن خلاله يتم تبالد المعاني والأفكار ، فلابد من فهم طريقة التواصل وفهم رسائل الاتصال جيداً.
3- قيادة المنظمة :
هي العناصر التي لها السلطة في المنظمة وتأثيرها على مجريات عمل المنظمة وعلى الافراد والطرق والأساليب التي تتخذها المنظمة مع افراد تلك المنظمة وطبيعة العلاقة بينهم والكيفية التعامل بينهم.
4- سلطة المنظمة :
وهي الطريقة التي تؤثر بها على الاخرين وحثهم على انجاز عمل او التحذير من فعل معين .
5- قوانين المنظمة :
هي اللوائح والتعليمات التي يسير الأفراد في ضوءها نحو تحقيق الأعمال وتحديد الصرفات وفقها ، والطريقة التي تجعل الأفراد يقدمون الخدمة على ضوئها .
6- الصراعات داخل المنظمة:
الصراع امر حتمي مادامت ان هذه النظم تتصف بالدنامية وتتفاعل مع نظم اجتماعية اخرى تتزامل معها النظم الاجتماعية الكبرى ، والصراعات هي انهيار في سبل اتخاذ القرار مما يجعل الفرد يجد صعوبة في اختيار البدائل ، وقد يكون الصراع في وضع الافراد العقبات لبعضهم البعض ، وهي حقيقة واقعة في كل المنظمات .


العلاقة بين الثاقفة التنظيمية والسلوك النظمي :


وللإجابة على تساؤلات البحث (السؤال الثالث) ... ما العلاقة بينهما وما أثر ذلك على فاعلية الإدارة ؟

نجد من خلال السياق السابق ، وبعد فهم كل جزئية على حده فبعد أن فهمنا الثقافة التنظيمية التي تعني القيم والمعتقدات والعادات والتقاليد والأعراف التي تكونت في المنظمة وعرف بها أفرادها ، وأنتقلت إلى جميع الأفراد المنظمين حديثاً للمنظمة وظهرت في سلوكياتهم ، ونجد أن هذه الثقافة التنظيمية تتجدد وتتطور من خلال عوامل كثيرة داخلية وخارجية ، وكل منظمة تختلف ثقافتها عن الأخرى بسبب العوامل المؤثرة عليه وطبيعة عملها ، وعرفنا السلوك المنظمي الذ يعني السلوك المتعلق بالجال الدراسي الذي يهتم بتحري الأفراد ، والجماعات ، والبنية على السلوك داخل المنظمة بغية تطبيق ما يتم التوصل اليه من معرفة باتجاه تحسين فعالية المنظمة ، فالعلاقة بينهم وثيقة جداً وكل جانب مرتبط بالآخر ، والتغير في أحدهما يؤثراً بالتلي في تغير الجاب الآخر سواءاً إيجاباً أو سلباً فالمنظمة لا تسير الإ بالأفراد وثقافة المنظمة تؤثر في سلوكيات الأفراد وسلوكيات الأفراد نستخلص منها مقدار الكفاءة والإنتاجية ، فالسلوك يؤثر ويتأثر بثقافة المنظمة إيجاباً وسلباً ولا يستطيع أن يعمل كل منهما في معزل عن الآخر ، ولعل هذه العلاقة تكون نتاج متوقع لفهم المتغيرات السابقة الواردة في ثنايا هذ البحث الذي قام الباحث بجمع معلوماته ..، وللسلوك المنظمي أثر على فاعلية الإدارة حيث أن الإدارة تهتم بالتحقيق الأمثل لأهداف النظام ، وحيث أن هذه الأهداف لايمكن أن تتحقق دون مدخلات انسانية فإن السلوك المنظمي يشكل مكوناً فرعياً هاماً للإدارة ، ففهم السلوك المنظمي يستدعي فهم الإنسانالهامل في المنظمة وكذلك التوصل الى فهم الجماعة الذي يؤدي الى فهم اكثراً تعقيداً وهو فهم النظام بكل مكوناته ..، وهذا جهد بسيط أقدمه لكم في خضم هذه المعلومات الهائلة في هذا الجانب لما يحوية كثير من المتغيرات والمؤثرات ، وفي الختام اتمنا أن أكون قد استطعت التوصل لربط ما أصبو إليه في هذا البحث البسيط ولفهم طبيعة العلاقة بين الثاقفة التنظيمية والسلوك النظمي .

ياسر بن عبدالرحمن الدهري